لقد كانت الهجرة تعبيرًا شجاعًا عن إرادة الفرد للتغلب على المحن والسعي وراء حياة أفضل، فلم يتوقف الإنسان عبر تاريخ البشرية، ومنذ الأزمنة الأولى عن التنقل والتحرك من مكان إلى آخر، فتاريخ الهجرات بدأ بوتيرة طبيعية، ثم تحول إلى التأثر بعوامل عديدة، فكان أقلها تأثيراً الكوارث الطبيعية، وأشدها الحروب والصراعات السياسية، حيث يهاجر الأشخاص لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو عوامل أخرى، بينما يهاجر آخرون هرباُ من الصراع أو انتهاكات حقوق الإنسان، و تشير الإحصاءات الأخيرة، إلى ارتفاع أعداد المهاجرين الباحثين عن تغيير أوضاعهم وظروفهم الصعبة، أو الفارين من العنف، تزامناً مع ارتفاع وتيرة الحروب في عدة مناطق في العالم، ولاسيما سوريا ودول الجوار في الشرق الأوسط.

وسط العديد من التحديات التي تواجه المهاجرين والدول التي يعيشون فيها، ولاسيما تحدي كوفيد19، يحتفي العالم في 18 ديسمبر/كانون الأول، باليوم الدولي للمهاجرين، تحت وسم “إعادة تصور الحراك البشري”، حيث يشارك المهاجرون بمهاراتهم وعلاقاتهم في بناء مجتمعات أكثر قوة ومرونة، على الرغم من تأثر العديد منهم، بجائحة كورونا، عن طريق خسارتهم لوظائفهم، أو إجبارهم على إخلاء منازلهم، والمعاناة من ممارسات التمييز والاستغلال. إن المهاجرين أشخاص حملوا معهم في رحلتهم إلى بلاد الهجرة، قصصهم وأحلامهم  وطموحاتهم، ويتمتعون بالحقوق التي أقرتها الأمم المتحدة في عام 1990، من خلال الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين وأفراد أسرهم. كما أصدرت الأمم المتحدة بيانًا قالت فيه “إن التضامن مع المهاجرين أصبح أمرًا ملحًا أكثر من ذي قبل، بل ويجب الاعتراف بالنجاحات والإسهامات التي يقدمونها للبلدان المستضيفة”.

ويتطلع المرتحلون إلى مستقبل أكثر إشراقًا، ويأملون بالعيش في ظروف تصون الكرامة وتضمن السلامة والسلام لهم ولذويهم، بالإضافة إلى تحقيق سبل عيش مستدامة في البلدان التي لجأوا إليها، مما عاد بالنفع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي على المجتمعات المستضيفة، وبناء على ذلك فإن المسؤولية جماعية في بناء عالم أكثر أمانًا ومرونة، من خلال احترام حقوقهم الإنسانية وحمايتها وتوفير الرعاية والمساعدة لهم.

وفي يوم المهاجرين، علينا توكيد التزامنا بهجرة آمنة وكريمة للجميع. والتأكيد على حقوق المهاجرين، بالتمتع بحماية جميع حقوق الإنسان المكفولة لهم، وقد أثنت المنظمة الدولية للهجرة على المجتمعات المحلية والمهاجرين والجهد المشترك، وتقديم الدعم اللازم لهم، والتعهد بتحقيق مستقبل أفضل للجميع.