بعد عشر سنوات من الأزمة السورية، تعود محافظة درعا جنوبي سوريا وريفها إلى واجهة المشهد مجدداً؛ حيث تخيم أجواء الحرب في درعا بعد هدوء نسبي فرض نفسه لمدة ثلاثة أعوام، بموجب اتفاق “التسوية” الموقع في أواخر عام 2018. إن عدم مشاركة معظم قرى وبلدات حوران في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مايو أيار الماضي؛ وإعلانهم الإضراب العام في يوم الانتخابات، جعل درعا من جديد في مرمى نيران نظام الأسد وروسيا. تعيش أحياء “درعا البلد” حصاراً تفرضه قوات الأسد بدعم من روسيا، في محاولة لإجبار الأهالي ومقاتلي فصائل المعارضة سابقاً على تسليم أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة.

عشرات آلاف المدنيين في هذه المناطق عرضة للقتل والاعتقال والتهجير من قبل قوات النظام وروسيا، ويعانون من ظروف صعبة للغاية نتيجة الحصار الذي يفرضه النظام السوري عليهم، كما أن نُدرة المواد الغذائية والطبية مع انقطاع الماء والكهرباء والانترنت عن السكان  يُنذر بكارثة إنسانية وشيكة، حيث أن كل المناطق المحاصرة تفتقر إلى المراكز الصحية والطبية، وغيرها من مراكز خدمية، وتظهر بصورة ملحة الحاجة إلى موارد تعين السكان على الاستمرار بحياتهم بشكل طبيعي. كما أفادت مصادر طبية، أن تأثيرات الحصار السلبية بدأت تظهر على حياة السكان، وخاصةً على  الأطفال والمرضى من كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والنساء الحوامل، إذ لا توجد أي أدوية لأمراض السرطان، ولا تتوفر معدات طبية لغسيل الكلى.

فيما تتعرض مئات العائلات التي نزحت من الأحياء المحاصرة في درعا البلد، وطريق السد، والمخيم، إلى مركز مدينة درعا التابعة لسيطرة النظام السوري، لعمليات مضايقة من قبل عناصر الأمن العسكري، وتدقيق أمني لهم، وهناك تخوّف من تنفيذ اعتقالات بحقهم، بالإضافة إلى ملاحقة المتخلفين عن الخدمة العسكرية، يشرف عليها فرع الأمن العسكري بزعامة “لؤي العلي”. أضف إلى ذلك منع النازحين في مناطق سيطرة النظام من الوصول للمراكز الصحية، وحرمانهم من المواد الغذائية، ويقطن غالبيتهم في مدارس ومرافق عامة غير مجهزة لاستقبال النازحين، حيث أن مراكز الإيواء التي نزحوا إليها أشبه بمراكز احتجاز وهم بأمس الحاجة لنقلهم من هذه المراكز وتأمين احتياجاتهم الأساسية، كما أن عشرات العائلات النازحة غادرت درعا المحطة ومراكز إيواء النازحين فيها إلى خارج مدينة درعا، بسبب مضايقات عناصر الأمن العسكري لهم والتخوّف من تنفيذ اعتقالات بحقهم، وأفادت مصادر إلى تعرّض سيدة وابنتها وثلاثة أشخاص من نازحي المناطق المحاصرة بدرعا البلد للاعتقال في درعا المحطة من قبل قوات النظام خلال عمليات المداهمة والتفتيش.