يعانـي النازحـون في الشـمال السـوري مـن ظـروف معيشـية تـزداد سـوءاً، مـع تزايـد أعدادهـم واحتياجاتهـم، حيث يتغير الوضع الإنساني بسرعة وبشكل كبير في جميع أنحاء البلاد، اعتمادًا على شدة الصراع ، إلى جانب أنماط النزوح المختلفة، والوصول إلى الخدمات الأساسية والمساعدات. ويواجه السكان في الشمال السوري عقبات إنسانية ضخمة، أنهكت المدنيين، وأدت إلى نقص في المأوى والمواد الغذائية وغيرها من الضروريات الأساسية، وبالتحديد في الشمال الشرقي من سوريا، حيث المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة التركية، والتي استقبلت نازحين من جميع المناطق السورية تقريبًا، وتواجه مجتمعاتها تحديات محلية كبيرة على كافة الأصعدة، ولاسيما الإهمال الإعلامي الدولي، مما دعا إلى ضرورة تسليط الضوء عليها، ودراسة احتياجاتها، والوقوف على أبرز النتائج والتوصيات التي تم الوصول إليها.
ففي محاولة لالتقاط صورة للوضع الإنساني للمجتمعات في شمال شرق سوريا، قامت وحدة إدارة المعلومات في مؤسسة حوران الإنسانية بإجراء تقييم للاحتياجات الإنسانية، بسبب التغيير السريع في الوضع الأمني والتغير الديموغرافي على الأرض، وأعد الفريق تقريراً تحليليلاً متعدد القطاعات على مستوى المجتمع للوضع الإنساني في شمال شرق سوريا في محافظتي الحسكة والرقة، وعلى الرغم من صعوبة العثورعلى مؤشرات أساسية ومعلومات حول أعداد السكان، حللت الدراسة التغييرات في القطاعات الإنسانية الرئيسية للنزوح، والمأوى، والمواد غير الغذائية، والأمن الغذائي، وسبل العيش ، والحماية ، والمياه والصرف الصحي، والتعليم ، والطوارئ، على مدى فترة ثلاثة أشهر من أكتوبر 2020 إلى أوائل يناير 2021.
غطي التقرير أربع مناطق فرعية في محافظتي الحسكة والرقة (عين عيسى ، تل أبيض ، سلوك ، رأس العين)، وكان من المقرر أخذ عينات جميع المناطق الفرعية والمجتمعات -265 مجتمعًا – الخاضعة لسيطرة الحكومة التركية، بهدف أخذ نظرة عامة واسعة وشاملة عن الوضع في هذه المناطق الفرعية. وقد استندت خطة جمع البيانات على مستوى المناطق الفرعية على بعض الأسئلة الخاصة، فيما كانت تعتمد على تحليل البيانات على مستوى المجتمع في مناطق أخرى.
خلصت الدراسة إلى نتائج أظهرت احتياجات متعددة الأوجه على صعيد القطاعات كافة، كالتغذية والحماية وحماية الطفل والعنف القائم على النوع الاجتماعي والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والاحتياجات المتعلقة بسبل العيش، والتي تواجهها جميعًا مجموعات سكانية محددة بشكل متكرر في الوقت ذاته.
وصل التقرير إلى توصيات كان من شأنها أن تصيغ الحلول المستدامة المناسبة، التي تساهم في بناء القدرة على الصمود وتعزز الاعتماد على الذات، واستعادة الوصول الآمن إلى الخدمات الأساسية كتأمين الوظائف للنازحين ودعم المشاريع الصغيرة، وتعزيز نهج الاستجابة لمعالجة الاحتياجات في المناطق المستهدفة.
لا تزال الاحتياجات المتنوعة والمتشابكة منتشرة في جميع أنحاء سورية، وحادة في بعض المناطق، وهي مدفوعة بتأثير الأعمال العدائية النشطة وعمليات النزوح الجديدة، فضلاً عن العواقب الطويلة الأمد للأزمة والديناميكيات المرتبطة بالعودة، التي تفرض ضغطاً متزايداً على المجتمعات المثقلة بالأعباء بالفعل. وفقاً لتقييم الاحتياجات التي تنفذها الأمم المتحدة، فإن ظهور العديد من المشكلات في نفس المجتمع ليس أمراً غير شائع. ولا تزال هذه البيئة تتطلب استجابة مستمرة من الجهات الإنسانية الفاعلة.
Leave A Comment