فن القيادة وسوء الإدارة
القيادة ليست منصباً أو سلطة، القيادة مزيج من المبادئ، والعمل المشترك، والتعاون، وإتقان مهارات التواصل والتعلم
والتدريب والتطوير، وكافة الأمور المتعلقة بها.
لقد ضرب لنا رسول الله عليه وسلم أمثلة رائعة في القيادة ومهاراتها، عندما كان يقود الجيوش بنفسه، ويضع لها الخطط، ويدرب أصحابه على تطبيقها، مع حضهم
على الصبر والشجاعة، وفي صلح الحديبية رأى صلى الله عليه وسلم أن الصحابة تأخروا في تنفيذ أوامره في نحر إبلهم، وحلق رؤوسهم؛ فبدأ بنفسه ليقتدي به
أصحابه جميعاً؛ ففعلوا، فكان ذلك درساً رائعاً من دروس القيادة في التاريخ.
إن هذه الاستراتيجة في القيادة والإدارة يتعلمها ويعلمها أساتذة الإدارة في الغرب (lead by example) أي: كُن القدوة، وابدأ بنفسك، ولكنهم لم يعلموا أن هذه المبادئ غرسها الإسلام في نفوس حملته، وبرع في تطبيقها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ عشرات القرون، والأمثلة على ذلك أكبر من سردها في مقال .
تتجلى روح الفريق في المنظمات التي تكون القيادة فيها صحيحة المسار، أما المنظمات التي تعتمد على الرأي الواحد، والتفكير السلطوي؛ فنجد أن العمل يسير بآلية بعيدة عن روح المبادرة والابتكار والتفاني في العمل؛ لأن الهدف فيها يكون بقضاء ساعات العمل بأدنى مستوى من الإنتاجية، بعكس الشركات الرائدة، ذات الطابع القيادي، حيث تبرز فيها المهارات، ويأخذ المبدعون فرصتهم في كافة مجالات النجاح، مع وجود القائد الناجح، الذي يدير دفة الشركة في الاتجاه الصحيح، ويغير المسار عند الحاجة لذلك.
يقول الدكتور جون ماكسويل، مؤلف كتاب: قوانين القيادة (“إن السلطة والمنصب هي أدنى مراحل القيادة، فهي حق مكتسب بسبب المال، أو الشهادة، وتبدأ بعدها المراحل بالعلاقات والانتاجية والتدريب، حتى يصل القائد إلى هرم هذه المستويات، وقمة الريادة، وهناك تكون الجماهير تابعة له عن قناعة ورضى، والكلمة مسموعة باحترام وتقدير”)
ومن هنا ينبغي على صُنَّاع القرار والقادة استيعاب معنى القيادة ومهاراتها، والتطبيق العملي في كافة مجالات الإدارة في الشركات والمؤسسات، والهيئات والأقسام، وحتى على الصعيد العائلي؛ فإن حسن القيادة مطلب أساسي للسير بالأبناء والأهل إلى بر الأمان، في التعليم والتربية، ومن ثم فن القيادة، حيث يتم إعداد القادة في هذه المرحلة الحاسمة في حياة الأجيال.
وفي مجال الأعمال يجب العلم بأن مستوى القدرة على القيادة يحدد الحجم الذي يمكن للشركة أن تصل إليه، وكم من الشركات بقيت محدودة الحجم والقدرات، بسبب اعتماد الأسلوب التقليدي في الإدارة، والذي يعتمد على حساب الربح والخسارة، بينما تطورت بعض الشركات تطوراً سريعاً ممنهجاً؛ وذلك لاتباع صُنَّاع القرار فيها أسلوب القيادة الصحيح، ومثال ذلك: (شركة آبل) بقيادة ستيف جوبز، الذي أضاف الكثير إلى مفاهيم الإدارة والقيادة، والذي يقول: إن الابتكار هو الفرق بين القائد والتابع، وإن التكنولوجيا لا شيء مهم بالنسبة للإيمان بالأشخاص، وقيادتهم إلى النجاح.
(Technology is nothing. What’s important is that you have a faith in people)
الكاتب :أ.ضياء مبارك
ملاحظة (هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها وليس رأي الناشر )
Leave A Comment