الاشاعات

الشائعات :هي نشر الكلام الكاذب الملفق على الناس الأبرياء بقصد تشويه سمعتهم والتشهير بهم

وكم من دماء سفكت وكم من بيوت خربت وكم من أعراض انتهكت وكم من أموال أتلفت كل ذلك بسبب كلمات كاذبة وباطلة أشاعها حاقد حاسد على بريء أو بريئة ….وقد تكون هذه الإشاعة الباطلة سببا في دخول قائلها الى النار والعياذ بالله قال النبي صلى الله عليه وسلم // إن العبد ليتكلم بالكلمة – من سَخَط الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يهوي بها في جهنم// أخرجه البخاري في الرقاق، باب حفظ اللسان.
ـ هذه الصفة الذميمة من أكبر علامات المنافقين …فهم قوم إذا حدثوا كذبوا ولا يخافون الله في أقوالهم ولا يتّقونه في أخبارهم…ففي زمن النبي صلى الله عليه وسلم أشاع المنافقون على السيدة عائشة رضي الله عنها الطاهرة العفيفة الصديقة بنت الصديق التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لتكون هي زوجته البكر الوحيدة…اتهموها في شرفها باطلا وأشاعوا عليها كذبا وزورا أنها خاطئة…وكم من أعراض البريئات الآن تلاك بألسنة رجال ونساء لا يخافون ربهم ولا يخشون خالقهم..اتهم المنافقون عائشة رضي الله عنها بعرضها فلم يُرد الله أن يبرئها بمنام يريه للنبي صلى الله عليه و سلم ولا بحديث يحدثه المصطفى إنما أراد أن يبرئها من فوق سبع سموات وذلك لخطورة هذا الخلق الذميم ولتبرئة المظلومة عائشة رضي الله عنها فجعل علاجه آيات تتلى وتذكر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فمما قاله الله عز وجل (إذ تلقَونه بألسنتِكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين * ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم ) :15,16

والذي يشيع الاتهامات في أعراض الأبرياء فليرتقب عذابا من الله عظيما وأليما في الدنيا وفي الاخرة قال تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون) النور:19

ـ احذروا أيها الإخوة من إشاعة الباطل والكذب على العباد …فالكذبة تخرج من فمك صغيرة فتكبر وتكبر ككرة الثلج أول ما تتدحرج تكون صغيرة ثم ماتلبث أن تصير كتلةً ضخمة قاتلة ، ..فإذا تسببتْ إشاعتك بأكل مال حرام فأنت احد الآكلين، وإن تسببتْ بهتك عرض فأنت أحد الهاتكين ، وإن تسببتْ بخراب بيت فأنت احد المخربين ، وإن تسببت بسفك دم فأنت أحد السافكين ؛ لأن في شرعنا من دل على هدى فله مثل أجر من عمل به ، ومن دل وأعان على معصية وضلالة فله مثل وزر من عمل بها إلى يوم القيامة .
وهل تدرون ما عقوبة الذي يشيع الشائعات على الأبرياء ليشين بهم….نام النبي ليلةً فرأى في المنام……حديث الرجل الذي معه كَلُوب من حديد ويشق شدقي الرجل وعيناه……// هوالرجل يخرج من بيته يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق .أخرجه أحمد وإسناده صحيح على شرط الشيخين .

ومن الأعمال الموصلة إلى سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . هي الخوض بأعراض ونقائص و عيوب الناس مع الخائضين . فإذا تكلم أحد أمامك بالباطل على أحد وجب عليك أن تسكته أو تردّ عليه أو تترك مجلسه والا أنت أحد الخائضين (الا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ماسلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين .) المدثر 45.

والواجب على من بلغه اتهام لأحد من الناس أن لا يصدقه قبل أن يتبيَنه ويتحقق منه (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا .) الحجرات(6) ـ جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز يريد أن يشوه سمعة رجل من المسلمين عنده . قال له يا أمير المؤمنين : إن فلانا يقول عنك كذا وكذا ، فقال الأمير التَقي : إسمع ياهذا إن شئت حقَقَنا في ما تقوله ،فان كنت كاذبا فأنت عندي فاسق لقول الله (إن جاءكم فاسق بنبأ .) وان كنت صادقا فأنت عندي نمام لقول الله تعالى (ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم) القلم (11) وإن شئت نسينا ما قلته وعفونا عنك . فقال ياأمير المؤمنين أعف عني وأعاهدك ألا أعود لمثلها .

أشاعت امرأة اسمها أروى بنت أويس كذبا أن سيدنا سعيد بن زيد أكَالاً للحرام وأنه أخذ منها أرضاً غصبًا ..وسعيد أحد المبشرين بالجنة..أرسل إليه مروان بن الحكم وسأله فقال: أنه بريء ممّا تقوله ودعا عليها وقال “اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واقتلها في أرضها” ومرت السنوات وكبرسن هذه المرأة ففقدت بصرها وبينما ذات يوم تمشي في أرضها بلا دليل يقودها وإذ بها تقع في حفرة أو بئر وتموت…أصابتها دعوة سعيد ..أفلا تخشى الله يا من تشيع الشائعات الكاذبة على الأبرياء أن تصيبك دعوتهم…

أتدرون ماهو السبب في أن الله خسف بقارون ومن معه وبأمواله كلها في الأرض….إنها الشائعات الكاذبة (قصة سيدنا موسى عندما اتهمته الباغية بالزنى ….فدعا سيدنا موسى عليها وعلى من أرسلها قارون….فخسف الله به وبقصوره الأرض وابتلعتهم أجمعين) موضوع الآيات القصص من (76) حتى (84).

وأنت يامن اتهمت ظلما وعدوانا فأقول لك : أيهما أفضل لك أن تنتصر لنفسك أو أن ينتصر الله لك…فأنت كلما سمعت اتهاما خرجت لتحاسب الناس عليه وكلك الله إلى نفسك ، أما إذا فوضت أمرك إلى الله ووكلت أمرك إليه ؛فالله عندئذ سيتولى الدفاع عنك وسيأخذ لك الحق من ظالمك ومن كان الله خصمه فقد خصمه وقصمه .