أفضت الحرب المستمرة في سوريا إلى تردي الأوضاع الإنسانية على كافة الصعد والقطاعات الصحية منها والاقتصادية، ولاسيما القطاع التعليمي، الذي عانى من استنزاف الحرب للعقول، وهجرة الكوادر التعليمية إلى خارج البلاد، مما انعكس سلباً على التعليم، وعلى المجتمع، الذي يقوم رأس ماله على القدرات البشرية. من جهة أخرى تعاملَ النظام السوري مع العميلة التعليمة في سوريا بوصفها عملية حربية، فحول المدارس إلى ثكنات عسكرية، ومراكز اعتقال، أضف إلى ذلك الاستهداف المُمَنهج للمدارس الخارجة عن سيطرته وتدمير البنى التحتية للقطاع التعليمي، فكان لابد من إيجاد البديل المناسب وخاصة في ظل القدرات الاقتصادية الهشة في مناطق الصراع. حيث تصف اليونيسيف ما حصل في سورية حتى 2013 بأنه الانهيار الأسوأ والأسرع في القطاع التعليمي، وتصفه في 2016 بأنه تدهور يصل إلى الحضيض.

ومع حلول اليوم الدولي للتعليم في 24 كانون الثاني/ يناير 2020، في ظل جائحة كورونا المستمرة، التي كانت السبب المباشر لضعف العملية التعليمية واضطرابها في الآونة الأخيرة، وتحت عنوان “إنعاش التعليم وتنشيطه لدى الجيل الذي يعانى من جائحة “كوفيد-19”. تتجه الأمم المتحدة عبر منظمتها اليونسف للاحتفاء بالدور الذي يلعبه التعليم بالتنمية المجمعية، وتحقيق السلام. مبينة أنه قد حان الوقت لدعم التعليم من خلال النهوض بالتعاون والتضامن الدولي من أجل وضع التعليم والتعلّم مدى الحياة في مركز عملية الانتعاش. وسيأتي الاحتفال العالمي بهذا اليوم في ثلاثة أقسام: أبطال التعلّم والابتكارات والتمويل.

فيما تحاول العديد من المؤسسات الإنسانية النشطة في الشمال السوري ودول الجوار، بما فيهم مؤسسة حوران الإنسانية، وبالتعاون مع الحكومة التركية والجهات الدولية الداعمة، بذل الجهود لمحاولة استعادة ما تم فقدانه في العمليات التعليمة أثناء الحرب، والعمل على تحقيق استمرارها، باعتبارها حق من حقوق الإنسان، ومسؤولية عامة تقع على عاتق الجميع.

إن كارثة التعليم هي واحدة من أخطر الكوارث التي ضربت الفرد والمجتمع السوري، والتي ستضع مصير جيل كامل في مهب المجهول، وبالتالي فإن ردم الفجوة الحاصلة هي من أولى مهمات إعادة البناء البشري، وهي الاستثمار الحقيقي الأمثل؛ والقادر على ترميم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، والتغلب على العجز للوصول إلى حالة التنمية المستدامة.